إلي رحمة الله
6-
الشيخ مختار أحمد الندوي السلفي رحمه الله
1349-1428هـ = 1930-2007م
في الساعة السادسة
من يوم الأحد: 26/ شعبان 1428هـ = 9/سبتمبر 2007م انتقل إلى رحمة الله العالم
الهندي السلفي المعروف الشيخ مختار أحمد الندوي الذي كان كبير علماء جماعة أهل
الحديث في الهند. وذلك عن عمر يناهز70 عامًا؛حيث كان من مواليد عام 1930م
(1349هـ).
كان الشيخ
مختار أحمد بن الحاج ضمير أحمد المئوي عالمًا متحركاً، ترك بصمات جليّة في مجال
العلم والكتابة والتأليف والخدمة العلمية والتعليمية والتربويّة . وكانت له علاقات
وطيدة واسعة بالعالم العربي وعلمائه ومشايخه ورجال المال والأعمال فيه ، ولاسيّما
المملكة العربية السعودية التي كان يقيم بها طويلاً وتتكرر زيارته لها عدّة مرات
في السنّة .
وُلِدَ الشيخ
في حيّ «وِشْوَانَاثْ
بُوْرَهْ» بمدينة «مئوناث
بهنجن» بولاية «أترابراديش» عام 1930م
(1349هـ) وتلقى التعليم الابتدائي في أحد فروع دارالعلوم/ مئو والمدرسة العالية
العربية بمئو، ثم التحق بمدرسة «دارالحديث الرحمانية» بمدينة
دهلي . وكانت المدرسة إحدى مدارس جماعة أهل الحديث الموثوق بها في الهند، وبعد
عامين انتقل إلى مدينة «لكهنؤ» والتحق
بدارالعلوم ندوة العلماء ومكث بها عامين، ثم عاد إلى مدينته «مئو» والتحق
بإحدى مدارس جماعة أهل الحديث وهي مدرسة «فيض عام» وتخرج
فيها حاملاً شهادة الفضيلة في الشريعة الإسلاميّة، وعمره لم يتجاوز 19 عامًا .
ثم خاض ساحةَ
العمل منذ هذا الوقت المبكر من عمره، فعُيِّن إمامًا وخطيبًا بأحد مساجد جاعة أهل
الحديث بمدينة «كالكوتا» – كولكاتا
حاليًّا – وهو المسجد الجامع بحي «كانتي باغ» ومكث بها
يعمل عشر سنوات، حتى نشبت الحرب بين الهند والصين عام 1962م (1382هـ) وتضرّرت منها
هذه المدينة الهندية الكبيرة كثيرًا ، مما اضْطَرَّه أن يغادرها إلى مدينة «بُوْمْبَايْ» –
مُمْبَايْ حاليًّا – وتولّى الإمامةَ والخطابة في مسجد «مومن بوره» لجماعة
أهل الحديث . وخلالَ ذلك وَطَّدَ علاقتَه بالمملكة العربيّة السعوديّة، وتكررت
زيارته لها، فحصل على مساعدات ماليّة وافية مكّنته من إعادة بناء المسجد وإنشاء
مبنى بجانبـه ذى سبعة أدوار لمدرســة عصريّــة باسم «مدرسة آزاد
الثانوية العالية» .
وبعد ما مكث
بهذا المسجد نحو عشرين عامًا انتقل إلى «مسجد بنغالي» لجماعة
أهل الحديث بحيّ «مدنبوره» بالمدينة
ومكث يؤم ويخطب فيه لحين وفاته .
وخلال ذلك
أنشأ مُؤَسَّسَةً للطباعة والنشر والتوزيع باسم «الدار
السلفية» أصدر منها
نحو خمسين كتابًا تراثيًّا باللغة العربيّة بما فيها «الكتاب
المُصَنَّف في الأحاديث والآثار لـ«ابن أبي شيبة» (أبي بكر
عبد الله المتوفى 235هـ/849م) الذي أصدره في 15 مجلدًا ضخمًا، و«الجامع
لشعب الإيمان» للبيهقي
(أبي بكر أحمد بن الحسين المحدث الفقيه الشافعي المتوفى 458هـ/1066م) الذي أصدره
في عشرين مجلَّدًا .
وفي عام 1990م
(1411هـ) أصدر مجلة أرديّةً شهريّة باسم «البلاغ» هي ناطقة
بمؤسسة «الدارالسلفيّة» تصدر
بانتظام حاملةً مقالات رصينة في شتى الموضوعات الإسلامية كما أصدر مجلة أخرى من «ماليكاؤن» بـ «مهاراشتر» باسم «صوت الحق» وهي لسان
حال «الجامعة
المحمدية» بـ «ماليكاؤن» التي
أسّسها الشيخ للبنين، كما أسّس صنوَها «كلية عائشة للبنات». وأسس
مستشفيات عديدة في عدد من المدن وكليات طبية في شتى الأمكنة.
وشغل رحمه
الله مناصب هامّة ؛ حيث كان أميرًا لجمعية أهل الحديث في الفترة السابقة ، وعمل
نائب رئيس لهيئة الأحوال الشخصيّة الإسلامية لعموم الهند، وعضوًا لرابطة العالم
الإسلامي بمكة المكرمة، وقام بإلقاء دروس دينية في الحرم المكي لمدة نحو عشر
سنوات، كما انتُدِب مرات عديدة مُعَلِّما مُدَرِّبًا للحجاج من قبل لجنة الحج
الهندية المركزيّة .
وهكذا عاش –
رحمه الله – حياةً حافلة بالعمل والنشاط ، وترك وراءه ذكريات لاتُنْسَى لنشاطاته
الإسلاميّة التي عمّت وامتدّت وتكثفت في شتى جوانب الحياة .
والجدير
بالذكر أنه كان على رأس قائمة علماء أهل الحديث في شبه القارة الهندية ، الذين
وظّفوا علاقاته بالعالم العربي ولاسيما بدول الخليج، وجمع مساعدات كبيرة أتاحت له
فرصة إنشاء هذه المؤسسات الكثيرة المشار إليها، وإنجاز الأعمال العلمية وغير
العلميّة التي انتشرت في عدد من المدن .
رحمه الله،
وأدخله جنّة الفردوس، وألهم جميع ذوي قرباه الصبر والعزاء . إنه حميد مجيد .
* * *
* *
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالحجة 1428هـ = ديسمبر
2007م يناير 2008م ، العـدد : 12 ، السنـة : 31.